ثقافة - المحرر الثقافي
ما الذي يعنيه أن يتعرض المنجز الإبداعي لرقابة مصابة بعمى البصيرة، أن يتعرض للتدمير بمعنى آخر، من جماعات فاقدة لامكانات القراءة بمفهومها الأبعد عن التلقي الساذج والسطحي لكل ما هو أبداعي وخلاق؟ ما هي خطورة أن تتحرك فيه كل الأيديولوجيات الرجعية برجالتها المتسربلة بأمية فاضحة لجرجرة تاريخنا الفكري والثقافي والحضاري نحو كهوف الظلامات المغبرة والموحولة في أحايين كثيرة؟ وماذا يعني أن يقف المثقفون بمختلف أطيافهم على خط النار وفي مرمى رجعية بعض النواب؟
أسئلة أفرزتها صدمة إقرار مجلس النواب للجنة تحقيق برلمانية في (ربيع الثقافة) التي دفع عدد من النواب لتشكيلها بغية تدمير الوجه الحضاري لمملكة البحرين، وكأنهم أرادوا أن يتورطوا في امتحان ليس باستطاعتهم النجاح فيه، فللإبداع لغة غير تلك اللغة الجامدة، غير تلك اللغة المحكومة بالوصايا ولغة الحجر على عقول مريديهم، ذلك لأن المبدع إنسان حر، حمل حريته معه منذ لحظة الخلق الأولى، لحظة منحه الله ملكة التميز واجتراح الطريق للخروج لدائرة النور، كي نختبر عقولنا، ملكاتنا، أرواحنا، أجسادنا حين تهوي فنتحسس خشونة الأرض ولينها، كل شيء منحنا إياه الله بحاجة لان نختبره، بحاجة لأن نمتحنه فنفقه من خلاله لغة الإبداع بمفهومها الكوني، لا بمفهومهم الضيق، الذي يختزلون فيه عقل الإنسان بالتفكير بالنصف السفلي فقط.
بالفعل فالعقل يقف مشدوها ومذهولا لما سمعه يوم أمس، هكذا تحدث الروائي أمين صالح إثر سماعه عن تشكيل لجنة للتحقيق في القيمة الإبداعية لبعض فعاليات (ربيع الثقافة) بمنطق عاجز عن فك وحلحلة أبسط القضايا البرلمانية التي من الأجدى لهم أن يسعفوها بشيء من المعرفة والاجتهاد في درس التقدم بهذا الوطن نحو الأمام لا الخلف، تحدث أمين صالح فتساءل: كيف لنا أن نتعايش أو أن نتعامل كمبدعين مع جملة من القوى الظلامية تريد أن تفرض قرارات وأحكام اتجاه قضايا إبداعية بناء على ثقافة السماع - وفي هذا دلالة على عدم احترافية ممثلي الشعب وجهلهم بأبجديات العمل البرلماني المتقن من حيث دقة استقاء المعلومات والتحري ومن ثم استخلاص الاحكام والقرارات، فهم بهذا يثبتون ودون شك في أنهم فاشلون بكل ما تحمله الكلمة من معنى - مضيفاً بأن مجلس النواب أثبت عدم قدرته على ضبط مسار وآلية العمل البرلماني التي تفتقد للاستراتيجيات والخطط الواضحة في التعاطي مع قضايا الشعب، فهم يتركون القضايا الرئيسية المتعلقة بالبطالة وغلاء المعيشة والإسكان، ويقحمون أنفسهم في مناطق ليس بمقدورهم إلا التورط فيها ولا يسعهم إلا الخروج منها أكثر جهلاً، فالعمل الإبداعي عصي على أفهامهم. مختتماً حديثه بالقول: إن هذه الأفعال التي تصدر عن أعضاء مجلس النواب تدفعني وكثيرين من أبناء هذا البلد كمواطنين على الندم من قدوم ديمقراطية يجهل كثير ممن في النواب لمفهومها، لتتحول إلى أداة للقمع والتنكيل بالمثقفين والمبدعين لتدمر الوجه الحضاري لمملكة البحرين، هذه العناصر ومن دون أدنى شك فاقدة للأهلية التي تمكنها من أن تمثل الشعب، أن تتقدم به نحو الأمام، أعتقد بأنهم سيدخلوننا في نفق مظلم لا يمكننا الخروج منه.
أبشروا فالماضي قادم
من جانب اخر، تحدث الشاعر كريم رضي عن فداحة ما تم طرحه، فالخبر شكّل بالنسبة له صدمة لا مثيل لها على الإطلاق ، ويقول رضي : »كنت أظن بأنهم كانوا سيتعرضون للأخطاء التقنية في إدارة (ربيع الثقافة) من حيث مستوى الإخفاق الإداري والتنظيمي لقطاع الثقافة والتراث الوطني، لا أن تحاكم الفعاليات الثقافية للربيع محاكمة أخلاقية، فالبحرين بتاريخها الفكري والثقافي لا يمكنها أن تخضع لمثل هذا المنطق الذي أقل ما يمكن أن يوصف به هو الرجعية، وأنا هنا أستحضر مقولة كانت بمثابة نبوءة لمثل ما نحن بصدد الحديث عنه الآن، وهي للشاعر قاسم حداد والتي يقول فيها »أبشروا فالماضي قادم «.
من جانب آخر دعا كريم الوسط الثقافي لتشكيل مؤسسة حقوقية تخص المبدعين وتتحمل الدفاع عنهم، مضيفاً بأنه وفي أكثر من حديث مع حقوقيين في جمعية حقوق الإنسان استشعر حالة من عدم الدراية لدى كثيرين منهم بطبيعة الحقوق التي يمكنها أن تخص الإنسان المبدع، مشيراً إلى أنه وعلى أكثر من صعيد تكون فيه حقوق المبدع الإبداعية مهددة، كما أن المثقفين ذاتهم يجهلونها، وفي أحايين كثيرة تكون مستغله بإرادتهم من قبل السياسيين للجمعيات السياسية، لهذا كثير من السياسيين لا يفقهون معنى آخر للإبداع غير ذلك الذي يكون فيه مسخراً وخاضعاً لأيديولوجياتهم السياسية النفعية، التي يكون فيها مبدعهم هذا مثابة الخادم أو الموظف الذي من المفترض فيه عدم الخروج عن نصهم السياسي، وحين يفعل يكون مرفوضا بموجب أحكامهم وقوانين منظورهم الإبداعي الناقص والمشوه.
فرض السلطة على الثقافة يعد كارثة
الشاعر البحريني إبراهيم بو هندي يعتقد أنه بشكل إجمالي فإن الدستور البحريني عندما استند إلى الشريعة الإسلامية في التشريع، فإنه بذلك قد كفل حرية التعبير المنضبطة تحت هذا الشعار لأي إنسان، ومن بينهم الكاتب والمبدع والمثقف، ويرى بو هندي أن نص الشاعر قاسم حداد لا يحتمل مثل هذه التأويلات التي خرج بها هؤلاء، وليس من حق أحد أن يفرض تفسيراته الضيّقة على نص الشاعر، وكذلك من حق الشاعر أن يرفض أي قراءة تُخرج نصّه عن سياقه الإبداعي، ويؤكد بوهندي على أن لا يكون الإبداع عرضة للتأويلات الشاذة والخارجة، سواءً من منطلق ديني أو من أي منطلق آخر.
ورغم أنه لم يشاهد العرض،إلا أن بوهندي يؤكد أنه لا يقول ذلك دفاعاً عن أي نص أو أي عرض، إذ أن كل نص فني أو إبداعي قابل للنقاش وقابل للتأويل، ولكنه غير قابل بأي شكل من الأشكال للمصادرة وفرض السلطة عليه، ويرى بوهندي أن فرض مثل هذه السلطة على الثقافة تعد كارثة، وأن مثل هذه القراءات قد تؤدي بنا إلى فرض الوصاية ليس فقط على أي نص أدبي أو إبداعي بل حتى على أي نصّ (مقول) وبذلك يصبح كل (قول) قابل لأن يُتخذ سبباً لفرض السلطة على الناس، وذلك أمر كارثي، كذلك يكرر بوهندي على أن نصّ (أخبار المجنون) لقاسم حداد وأي شاعر أو نص آخر لا يمكن له في مجتمعنا أن يتعدّى على الدين.
ويعتقد بوهندي أنه على الدولة في هذه الحالة أن تحمي الثقافة والإبداع والمبدعين، وأن تتم مراجعة دقيقة لفهم ما تعنيه الثقافة في المجتمع حتى لا يتكرر مثل سوء الفهم هذا.
حتى لا تصبح البحرين مغارة من التخلّف
بالنسبة للفنان التشكيلي إبراهيم بو سعد فإن الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وما حدث - يقول بوسعد- يشكّل تجاوباً سطحياً مع المشهد الثقافي ما يدلل على ضحالة هذا الطرح، ويؤكد بوسعد على أن مثل هذه الطروحات في التعاطي مع الثقافة هي من تخيلات ذهنية ناتجة عن مثل ما تنتمي هي له، مؤكداً على المقولة البحرينية الشعبية »كل من يرى الناس بعين طبعه« التي تشير إلى أن هذه المقولات هي نتيجة لهذه العقول التي تتخيّل حسب ما توحي لها نفوسها.
ويعبّر بوسعد عن أسفه لوصول مثل هذه النماذج إلى أن تمثّل الشعب في المجلس النيابي، معتبراً أنه يجب التعامل مع الثقافة من خلال منظور إنساني شامل وكعنصر من عناصر التنمية وبناء الإنسان، ومن الخطأ أن تُفرض قناعة أي جهة أو أي شخصية على المجتمع من خلال تكتلات أو أحزاب، ويؤكد بوسعد أنه ليس ثمة موانع من الحوار الحضاري والإنساني والثقافي حول هذا العرض أو ذاك أو هذا النص أو ذاك، أما أن يوصف منتج ثقافي وإبداعي ما وتحت قبة البرلمان بأوصاف مشينة كما حدث في البرلمان البحريني، فإن هذا يمثل خروجاً فاضحاً على الأخلاق والعُرف البحريني.
ويقول بوسعد »إن هذا التعاطي والفهم الناقص للثقافة هو أمر خطير، وأي توجه من هذا القبيل يعمل على فكرة التجييش والتحشيد ضد الثقافة التي تعتبر -كما أسلفت- عنصراً من عناصر التنمية الإنسانية، سيكون كارثة حقيقية، وشدّد بوسعد على هذه الكلمة«، معتبراً أنه من الواجب فهم الثقافة عبر مفهوم أوسع وأن يقوم التعامل معها عبر الحوار لا عبر فرض السلطة والترهيب، وحسب فرض القناعات الشخصية.
ويضيف أن هذا التوجه هو توجه خطير يسعى لتدمير الثقافة، خصوصاً وأن البحرين تشهد حالياً مرحلة بدء تقديم البحرين كوجه حضاري، ويتساءل بوسعد عن أسباب هذا التكالب على الثقافة وعلى محو كل ما هو جميل في هذا البلد، ويرى بوسعد أنه يجب التصدّي لمثل هذه المحاولات من أجل أن لا تصبح البحرين مغارة من التخلف وأن لا تكون على شاكلة طالبان أفغانستان.
الإبداع له قوانينه الخاصة
الشاعر عبد الله خليفة لم يشاهد العرض أيضاً ولا يستطيع - حسب قوله - الحكم من الخارج ولكنه يؤمن »أنّ النص الأدبي أو المسرحي والفنون الإبداعية لأي جهة كانت ترصد هي أمور إبداعية لها قوانينها الخاصة التي لا يمكن التدخل فيها من قبل أي جهة من خارج الإطار الثقافي والإبداعي«.
ويضيف خليفة: »مهما كانت الأساليب فإنّ الفن والأدب وُجدا من أجل تنمية ذوق الإنسان العربي وتوجيهه للجوانب الروحية وإبعاده عن الاهتمام بالجوانب المادية من أجل الارتقاء بالروح والوصول لما هو أعمق من الجسد والغريزة«.
ويكمل »العديد من الروايات التي قُمعت كانت تهدف لإظهار الأمور من جانب مختلف عن ما أُوّل وقُرأ، لذلك لا يمكن أخذ جانب من موسيقى أو فن أو نص شعري واعتباره ضد الأخلاق لأن الفن لم يكن يوماً ضد هذه القيم بل وجد من أجل تعزيزها«.
ويرى خليفة أن تجسيد الملاحم والنصوص لا يمكن أن يكون بدافع جنسي أو غريزي »لأن الجمهور الثقافي ينظر بمقاييس أعمق من تلك التي ينظر بها أصحاب هذه الأفكار الرجعية« ويختم حديثه بالقول: »أن المعترضين يأتون بخلفيات محافظة جامدة لم تشاهد الفنون والآداب بغير عيون المنع والإقصاء والتهميش ومن أجل ذلك يصدرون أحكامهم السطحية«.
هذا التيار سيختفي ولن يجد موطئ قدم هنا
ويرى الفنان التشكيلي راشد العريفي أنّ خطوة هذه التيارات تهدف »للرجوع بنا لفترات تكميم الأفواه« ونتيجةً للعمى الذي أصابهم - يقول العريفي - يعتقدون أن المجتمع البحريني غير مدرك لما يحاولون المساس به من قيمه المتسامحة وقيمه التقدمية، معتقدين أنّ المجتمع يقف في صفهم، ولكني أؤكد أن المجتمع بكل فئاته يعرفهم جيداً، ويرفضهم تماماً« ويضيف راشد: »المجتمع البحريني هو مجتمع متسامح، ومجتمع تقدمي وطوال تاريخه كان مؤمناً بأن التقدم هو الصورة الصحيحة التي تسير من خلالها الحياة، ولم تكن للأفكار الظلامية موقعاً تتغلغل فيه داخل مجتمعنا البحريني«.
ويذهب العريفي للقول إنّ »شعبا بهذا القدر من الثقافة والتنوير لا يمكن أن تنطلي عليه خدعة كالتي يحاولون الترويج لها، فكافة فئات الشعب البحريني تعرفهم جيداً، وتعرف أن هذه الخفافيش الظلامية والمتخلفة ليست سوى مجموعة من مصاصي الدماء«.
وعن دور المثقف البحريني في صد مثل هذه الهجمات يقول راشد: »أعتقد أن البعض يحاول إلغاء دور المثقف والفنان عبر تجاهلهما، فلم يعطيا الحق في التعبير عن رؤيتهما عبر تجاهل دور الإعلام والصحافة لهما، رغم ذلك أرى أن دور المثقف الآن وفي هذه الفترة بالذات يجب الإنتباه له جيداً، لأنها فترة تحتاج فيها البحرين لأن تقف صفاً واحداً في وجه هؤلاء الذين يريدون الرجوع بنا للوراء، وليس هناك أقدر من المثقف الواعي على تحسس الطريق نحو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة والحرة التي تقف جنباً إلى جنب في مصاف الدول المتقدمة«، ويختم »في الوقت الذي ستباشر فيه التنمية الثقافية والفنية في المجتمع البحريني، وفي الوقت الذي سيتاح فيه للمثقفين أن يباشروا تنمية المجتمع ثقافياً وفكرياً، فإنّ هذا التيار سيختفي تماماً ولن يجد له موطئ قدم في البحرين«.
إحتفوا بمبدعينا بدل محاصرتهم
تعتقد الفنانة التشكيلية بلقيس فخرو أنّ المثقف البحريني »بحاجة إلى أن يُحرّض على تقديم الفن والأدب بكل حرية للذائقة البحرينية بدون وضع قيود وشروط على نوعية ما يقدم من قبل أفراد أو تيارات لا تملك خلفية فنية أو ثقافية ولا يملكون أي اتصال بما يُقدم من فن وثقافة على المستوى العالمي«، وتضيف فخرو: »يجب أن يُحتفى بالمبدعين بدل أن يحاصروا بفتاوى ظلامية ليدخلوا في هرطقة جاهلية ونعود جميعاً كجمهور وكنخبة للعصور الوسطى«.
وتضيف بلقيس: »بدل أن يمثل هؤلاء حقوق الشعب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ها هم يسعون لفرض وصاية على الإنسان البحريني وحرية تفكيره من خلال مثل هذه الإطروحات« وتستطرد: »بين الفن واللافن مسافة بسيطة، ويحتاج التفريق بين الإثنين عبر تشذيب النفس وتهذيب الذائقة من أجل تلقي الفن بطريقة لائقة، وتختم: »من لا يستطيع أن يستوعب إنجازات المبدعين فلينأى بنفسه عن مشاهدتها، فليتنوروا ويروا العالم الفني بدل أن يرجعونا معهم للوراء«.
جريدة الايام
15 مارس 2007
كتب(ت) "الوطن" - حسين الخباز:
ضمن فعالياتها لمهرجان ''يوم الشعر العالمي الخامس'' المزمع إقامته بين 21 مارس (آذار) ولغاية 22 (آذار) الجاري، تستعد أسرة الأدباء و الكتاب البحرينية، لتكريم الكاتب والروائي عبد الله خليفة، والناقد إبراهيم غلوم، ويأتي التكريم بمثابة ''الدأب الذي تواصلت عليه الأسرة لتكريم أعضائها المبدعين'' حسب قول أمين السر جعفر حسن.
وفي اتصال هاتفي أجرته (الوطن) مع الروائي عبدالله خليفة، حاورته حول هذا التكريم، ليقول: ''التكريم يعد بمثابة تشريف للمبدع، ويضاعف من معنوياته كما أنه مهم لأنه يعد تكريما من جمعية وأسرة لها دور ريادي في خارطة الإبداع العربي لفترة تقارب الأربعين عاماً في بناء وخلق الإبداع والثقافة''.
وحول التحفيز الذي تكلم عنه ''خليفة''، أضاف: ''قضية التحفيز تعطي صورة معنوية مشرفة ومشجعة لنشاط المبدع، والتكريم عملية احترام، ودعوة للمزيد من الإنتاج، وبالنسبة لنا فإنها مسألة تقديرية ومعنوية، والشخص عندما يكتب، لايسعى إلى التكريم، لأن الكتابة من واجباته وما هذا التكريم إلا تكليل لجهوده ''. على حد تعبيره.
وتحت مظلة التكريم هذه ستقوم الأسرة بطباعة رواية جديدة تحت اسم ''عمر بن الخطاب شهيداً'' عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وهذه الرواية تأتي من القطع المتوسط ، في (250 صفحة) حسب عبدالله خليفة.
وفي سؤال حول هذه الرواية، قال: الرواية؛ هي تقدير للشهداء في الإسلام، وتجسد سيرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب السياسية، وصولاً إلى أهم مراحل حياته إلى اغتياله''.
وتابع: ''هو مشروع تأسيس للتراجيديا الإسلامية، ومحاولة للاقتراب منها، ولاكتشاف أسبابها ومشاكلها، وقد بدأته برواية ''رأس الحسين'' الصادرة عن دار الاختلاف والدار العربية للعلوم ببيروت ''.
- الكاتب ليس بحاجة للتكريم
كما أجرت (الوطن) اتصالاً هاتفياً مع المكرم الآخر، الناقد الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم، لتأخذ رأيه حول هذا التكريم الذي جاء بمثابة تقدير لتجربته النقدية طوال ربع قرن ، فأجاب: ''إن أي شكل من أشكال التواصل والتوقف والالتفات للتجارب الثقافية والفكرية في البحرين، يشكل نقطة تماس عند المبدع، وليس الكاتب بحاجة للتكريم، وأشعاره بأهيمته وعطائه''.
وتابع: ''هذه الوقفة تعني الحوار مع هذه التجربة، وتقيم هذه التجربة، ومراجعتها والتواصل معها ومساءلتها، ويعني عمق التجربة، والسعي لمعاودة اكتشاف هذه التجربة (..) وإن لم يتحسس التكريم ذلك سيبدو عابراً''.
وأضاف: '' بدأنا الكتابة في مطلع العام ,1971 ودخلنا أسرة الأدباء بعد ذلك بسنتين، وقد انغرست تجربتنا لأربعة عقود متواصلة، وهذه فترة ليست بالقصيرة، ومرت تجربتنا بتحولات في المجتمع، ونتاجنا ممتد في البحرين وخارجها، وهذه التجربة لابد أن يكون لها احتفاء ومنظوم''.
وأضاف: ''يخيل لي أن المعنى للتكريم هو المساءلة واكتشاف أفق التجربة الحقيقي، وسوى ذلك يعد بروتوكولات، وحفلة تنتهي بانتهاء الحفل''.
وستقوم الأسرة بطباعة كتاب نقدي جديد لغلوم تزامناً مع تكريمه في اليوم العالمي للشعر،وقد وصف الكتاب بأنه كتاب نقدي يقدم دراسة لنماذج من القصة القصيرة في الخليج العربي، وسوف يسلط الضوء على تجارب من البحرين و الكويت والأمارات العربية المتحدة، ولمجموعة من القاصين؛ منهم: محمد الماجد وفهد الدوري ومريم فرح ومحمد عبدالملك، ويحمل الكتاب اسم ''عالم رواية القصة القصيرة'' وسوف يصدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
- تاريخهما رشحهما لهذا التكريم
وأخيراً وعندما سألت الوطن أمين سر الأسرة الناقد جعفر حسن عن هذا التكريم وعن سر هذا الاختيار أجاب: ''تاريخ غلوم وعبدالله رشحهم لنقد السرديات، وإبراهيم غلوم يعد من أكثر المتابعين للحركة المسرحية و للحقل النقدي، وهو صاحب رؤية في المناهج الاجتماعية و الثقافية المختلفة''.
وأضاف: ''وإضافة لذلك فقد أعطى غلوم الأسرة لفترة طويلة من جهده ووقته الشيء الكثير، وقامة مثل قامة إبراهيم لابد أن تنحني إليها القامات''.
وتابع حول اختيار عبد الله خليفةً: ''عبد الله خليفة يعد من الروائيين المتميزين في الوطن العربي، وله نتاج وعطاء كبيرين للأسرة، وقد ساهم في الحركة الثقافية والأدبية مساهمة طويلة''
وأضاف: ''لا يمكن تجاوز إنجازات وعطاءات عبدالله، وكنا ننوي تكريمه منذ زمن طويل، وقد رشحناه من قبل لنيل جائزة العويس''.
المنامة ا ف ب
قال الفنان اللبناني مارسيل خليفة والشاعر البحريني قاسم حداد ان محاولة النواب الاسلاميين البحرينيين التصدي لعملهما المشترك "مجنون ليلى" ولفعاليات مهرجان "ربيع الثقافة" محاولة "لارهاب كافة اشكال الفكر والثقافة".
وقال الموسيقي اللبناني والشاعر البحريني في بيان تسلمت فرانس برس نسخة منه امس انها "محاولة مقصودة ومنظمة لارهاب كافة اشكال الفكر والثقافة".
ويشكل هذا البيان اول تعليق لهما على تشكيل مجلس النواب البحريني لجنة للتحقيق في مهرجان ربيع الثقافة وخصوصا في مشاهد تضمنها عرض "مجنون ليلى".
وقال خليفة وحداد "لم يخطر ببالنا ان ما نقدمه من عرض نظيف وبريء ومتجرد من النوايا السيئة والخبيثة سيتم تأويله بخلاف ما هو مقصود (..) .
وتابع البيان "انها دعوة صريحة ومباشرة الى الانغلاق ومصادرة حق الاخر في التعبير لانكار تعددية الاصوات" ، مؤكدا ان "مثل هذه الدعوة لا تحتقر الانسان الحر الراغب في المعرفة والمتعة لكنها تحتقر بلدا متحضرا ينتمي الى القرن الحادي والعشرين". وخلص البيان الى القول "ارفعوا ايديكم عن حناجرنا".
الدستور- الاردنية
ثقافة - المحرر الثقافي:
استبدل الناقد ابراهيم غلوم شهادته التي كان من المفترض أن يلقيها في احتفال أسرة الأدباء والكتاب باليوم العالمي للشعر بهجوم ساخن شنّه على موقف النواب الذي سجّلوه عبر تشكيلهم للجنة تحقيق في ربيع الثقافة، على خلفية عرض (أخبار المجنون) الذي قدمه الفنان مارسيل خليفة، من شعر الشاعر البحريني قاسم حداد في افتتاح مهرجان ربيع الثقافة هذا الشهر، وقال غلوم أن هذه المفارقة التي سجّلها النواب في لحظة دقيقة من تاريخ البحرين هي خطوة تثير مرارة شديدة في نفوس المثقفين.
وتساءل غلوم: »كيف يمكن لأعضاء برلمان يمثل الشعب أن لا يرون أبعد من النقطة التي يقفون عليها«، مؤكداً على أن هذه السقطة التي سقطها النواب لن تسجّل في تاريخ البحرين، بقدر ما سيسجّل موقف الشعر والمثقفين ودفاعهم عن الشأن الثقافي في سجّل هذا التاريخ.
وأكّد غلوم أنه من الصعب أن يتحدث عن تجربته الشخصية في هذا الوقت الذي سجّل فيه النواب هذا الموقف اللا تاريخي، موضحاً أنه يجب على المثقف أن يدافع عن إبداعه، متسائلاً إن كانت مؤسسة مثل أسرة الأدباء قادرة على الدفاع عن المثقفين وحمايتهم اليوم، والوقوف ضد مؤسسة دينية ضخمة ومتجذّرة في البحرين منذ الخمسينات وحتى تشكيل لجنة التحقيق، وخصوصاً تلك التشكيلات الموجودة حالياً في البرلمان.
وأكد غلوم على أنه بالرغم من وجود الميثاق والدستور، وكل القوانين التي تنظم وتحمي حرية التعبير والحرية الشخصية، إلا أن ثمة سلطة أخرى راسخة في هذا المجتمع تحدّ من هذه الحريات، مؤكداً على أن هذه السلطة لا تستطيع حتى السلطة أن تزعزعها، متسائلاً عن السبيل إلى خلق مؤسسة ثقافية قادرة على حماية المثقف، وعن كيفية انتقال الأسرة لتصبح مؤسسة ثقافية لها وجودها العضوي في المجتمع.
واقترح غلوم من أجل تفعيل هذا الدور أن يبدأ المثقفون بشكل عملي في التوجه من أجل تطوير أسرة الأدباء والكتاب، مسترجعاً ذلك الزمن الذي كانت فيه الأسرة قوية وقادرة على مجابهة مثل هذه المواقف، وهذا الزمن الذي باتت فيه أسرة الأدباء عاجزة عن أن تدافع عن مثقفيها.
وأوضح الدكتور عبد الله غلوم أن هذا الأمر الذي حصل وهذا الموقف الذي اتخذه هذا البرلمان كان متوقعاً منذ أن استتبّ الأمر لهذه الكتل في المجتمع حتى اتخذ البرلمان البحريني هذا الموقف المخجل.
مؤكداً على أهمية دور النقد في التعاطي مع مثل هذه المسائل مؤكداً أن ما يسمى بالنقد الثقافي هو انسياق نحو التصفيف ونحو الطائفية، وذلك عبر التطبيقات غير العلمية التي تمارس من خلال مثل هذا النقد، مؤكداً أنه ينبغي على الأسرة أن لا تكون مكاناً لمثل هذه النبرة وهذا الصوت.
وكانت أسرة الأدباء والكتاب قد كرّمت أول أمس الأربعاء الدكتور عبدالله غلوم مع الروائي عبد الله خليفة وذلك ضمن احتفاليتها التي أقامتها بمناسبة اليوم العالمي للشعر، وافتتاح المقر الجديد للأسرة الكائن بمنطقة الزنج، وألقى خلالها عدد من الشعراء قصائدهم بهذه المناسبة، وقد ألقى الشاعر البحريني كريم رضي البيان المشترك الذي أصدره الفنان مارسيل خليفة والشاعر قاسم حداد استنكاراً لموقف البرلمان البحريني من عرض أخبار المجنون، كما شدّد رئيس أسرة الأدباء والكتاب ابراهيم بوهندي على هذه المسألة أيضاً في كلمته التي ألقاها في بداية الإحتفال مؤكداً أن الأسرة قادرة على أن تقول كلمتها لهؤلاء النواب، قائلاً للنواب الذين شكّلوا هذه اللجنة »ارفعوا أيديكم عن أقلامنا«.
وفي نفس الإطار قدّم الكاتب البحريني فريد رمضان ورقة تتناول الخطوات التي يتوجب على المؤسسات الثقافية البحرينية وفي مقدمتها أسرة الأدباء والكتاب أن تتخذها بعد الذي حدث، وقد أدرج فيها رمضان تفاصيل الوضع الثقافي والإجتماعي الذي يحدد التجربة الثقافية في البحرين، ومشكلات الواقع الثقافي، وسوف تناقش هذه الورقة فيما بين المؤسسات الثقافية في اجتماع يعقد في أسرة الأدباء والكتاب، وتناقش الورقة مجموعة من القضايا سوف تكون هي المحاور الرئيسية التي تناقشها هذه المؤسسات، وتشترط الورقة أن تسمّى الأشياء بأسمائها من أجل الخروج بمعالجات للظواهر التي تشكّل عائقاً لتنمية الوضع الثقافي في البحرين.
وكان الدكتور غلوم قد اجتمع بعد الاحتفال بعدد من أعضاء أسرة الأدباء والكتاب والملتقى الثقافي الأهلي وبحث معهم ضرورة تشكيل مؤسسة مشتركة فيما بين المؤسسات الثقافية لبحث سبل الخروج بالثقافة من حالة الغيبوبة، واستثمار الإمكانيات التي يوفرها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.
الايام
23 مارس 9-4-2007