(كأن القلب ليلة قيل يُـغدى/
بليلى العامرية أو يراح/
قطاة غرّها شرك فباتت/
تجاذبه وقد علق الجناح)
من هذه الكلمات الملتاعة – ومثيلاتها- التي أطلقها المحب المتوله قيس بن الملوح في صحراء الجزيرة العربية منذ عدة قرون، نسج الشاعر المعاصر (البحريني قاسم حداد) خيوط ديوانه "مجنون ليلى"، نسج المغني المعاصر (اللبناني مارسيل خليفة) خيوط عرضه الغنائي الشعري الموسيقي الحركي. كأن المحبين المعاصرين يقدمان تجادلهما الراهن وقراءتهما الحالـّة وتأويلهما الحديث للمحب العربي القديم. لكن هذا الفعل الجميل المتفاعل مع ثقافتنا العربية – في وجه من وجوهها الأصيلة المبهجة – كان كافياً لأن تقوم قيامة ملاك القيامة والنشور و البعث.
< كان الفنان والشاعر (مارسيل وحداد) قد شاركا ضمن احتفالات (ربيع الثقافة) في البحرين بعرض غنائي شعري، أعده ولحنه وغناه مارسيل حليفة من شعر حداد البحريني، في ديوانه (مجنون ليلى). ومعروف أن استحياء قصة قيس وليلى في أدبنا العربي المعاصر مسبوقة بمحاولات عديدة، من أشهرها محاولات أحمد شوقي وصلاح عبدالصبور والطيب الصديقي وغيرهم. محاولة مارسيل وحداد إذن ليست بدعةً، حتى تكون كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، كما يرى محتكرو الثواب والعقاب.
< هذه،إذن، "جرسة" ثقافية فكرية أخرى من "جرس" (جمع جرسة) حياتنا العربية. وهي "محاولة مقصودة ومنظمة لإرهاب كافة أشكال الفكر و الثقافة و الإبداع" كما قال بيان مارسيل وحداد في الرد على هذه الريح السوداء. (جئنا لنعلن الحب).
< والشاهد أن هذه الريح السوداء الأخيرة تثير في ذهن المواطن العربي أربع أكفار رئيسية:
الأولى:أن هذه الريح السوداء قديمة وليست حادثةًً – بتعبيرات التراثيين. فهي حلقة في سلسلة سابقة طويلة طويلة. لن نلتمس بداية هذه السلسة من عند قطع لسان الحطيئة، ولا من قتل الحلاج والسهروردي، ولا من نفي الطهطاوي والأفغاني والنديم. ولن لن نلتمسها حتى من مصادرة علي عبدالرازق وطه حسين أو اغتيال حسين مروة وفرج فودة وطرد نصر حامد أبوزيد وجزّ عنق نجيب محفوظ. بل سنلمسها – فقط – في السنوات السبع الماضية مع بدابة القرن الحادي والعشرين، حيث نجد سلسالاً متصلاً :
مصادرة "وليمة لأعشاب البحر"، الحكم بسجن ليلى العثمان وعالية شعيب، منع كتب (النبي) لجبران و (الخبز الحافي لمحمد شكري، (محمد) لمكسيم رودنسون من الجامعة الأمريكية بمصر، محاكمة الشاعر الأردني موسى حوامدة (فأعطاه الغرب جائزة باسم الحرية)، تحطيم تماثيل بوذا في افغانستان، الهجوم على عبدالعزيز المقالح وعلي المقري في اليمن، هجمة "الحجاب" على وزير الثقافة بمصر، تحطيم تماثيل متحف حسن حشمت في الزيتون.
إنها حلقات منتظمة في سلسلة منتظمة منذ بدء التاريخ العربي، وقبله. ذكرنا منها القليل وتركنا الكثير. والمقصود أن "الفعل الظلامي" ثابت وقديم، بل إن رقعته تزداد وخفافيشه توسع فضاء الطيران.
< الثانية: هي المفارقة المعيبة التي يتخبط فيها مجتمعنا العربي، والتي تكمن في أن البرلمانات العربية صارت في السنوات الأخيرة تمارس مهمة هي نقيض مهمتها الأصيلة. إن مهمة البرلمانات في كل بلاد الدنيا هي الدفاع عن الحرية و الديمقراطية و التعدد والتنوع، فضلاً عن تجسيد تلك القيم كلها، إلا في برلماناتنا العربية، التي انقلبت على نفسها ودروها وطبيعتها، لتغدو منابر للقمع و الكبح والقهر و الاستبداد:
خذ عندك: دعوة البرلمان المصري في السبعينات إلى حرق (الفتوحات المكية) لشيخ التصوف "الإسلامي الأكبر محي الدين بن عربي، وحرق (ألف ليلة وليلة). واعتراض البرلمان الكويتي على قرار الأمير نفسه بمنح المرأة حقوقها السياسية. وعاصفة البرلمان المصري على"وليمة لأعشاب البحر"، تلك العاصفة التي شارفت إشعال فتنة داخلية، بعد تحريض من رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان (أحمد عمر هاشم) لشباب الأزهر على التظاهر في الشوارع. ثم هجمة البرلمان المصري على وزير الثقافة نفسه، بعد تحالف التيارات الدينية مع الحزب الوطني ضد الوزير (الذي هو حزب وطني كذلك).
< والحق أن وقوف البرلمان العربي عكس مهمته الأصيلة ليس جديداً تماماً على البرلمانات العربية، فقد تكرر ذلك مرات عديدة في تاريخنا الحديث، أشهرها وقوف سعد زغلول (قائد ثورة 1919 وزعيم الليبرالية ورئيس البرلمان المصري وقتها) ضد طه حسين في أزمة كتاب (في الشعر الجاهلي) في أواخر عشرينات القرن الفائت. وهاهي هجمة البرلمان البحريني على الشعر و الغناء. فهم، إذن، خير خلف لخير سلف.
والبرلمان العربي بذلك يقدم أعجوبة مرموقة من أعاجيب الدهر: إذ ينتقل البرلمان نقلة كيفية مذهلة، فبدلاً من مراقبة الحكومة ومحاسبتها، يراقب الشعب ويحاسبه، وبدلاً من مواجهة الاستبداد ومحاكمته، يواجه الحرية ويحاكمها!
< الثالثة : أن هذه المقاصل المقامة والسيوف المشرعة باسم الدين – والدين منها براء – هي التي تسيء – في حقيقة الحال – إلى الدين وتزري به وتهينه، من أكثر من زاوية:
أ / إن الهلع و الارتعاب من أن يضار الدين أو ينهار من قصيدة أو مسرحية أو رقصة أو رواية، يعني أن أصحاب هذا الهلع المرتعب يرون أن الدين هشّ خفيف هزيل يمكن أن يطيح به عمل فنيّ.
ب / إنهم، بهذه السيوف المشهرة و التكفيرات السابقة التجهيز، يحجبون الوجه السمح العادل المستنير للإسلام، ذلك الوجه الذي يؤكد "ذكّر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر"، والذي يؤكد "لكم دينكم ولي دين"، و الذي يؤكد "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا"، والذي يؤكد أن " اختلافهم رحمة"، والذي جعل اليهود و المسيحيين يشاركون بقسط بارز في بناء الحضارة الإسلامية الزاهرة (أيام كانت زاهرة).
وهم بحجب هذا الوجه السمح المتقبل للآخر، إنما يقدمون صورة شائهة متجهمة قاسية للإسلام، تؤدي إلى النفور لا القبول، والابتعاد لا الاقتراب.
ج / إنهم، بالسيوف المشهرة و التكفيرات الجاهزة وبحجب الوجه السمح وتصدير الصورة القاسية، إنما يصنعون التصور المريع الخاطئ عن الإسلام لدى المواطن الغربي وأصحاب الديانات الأخرى. لماذا – إذن - يبحثون عن أسباب هذا التصور المريع الخاطئ عند العالم الخارجي، وهو صانعوه الاساسيون؟
د / إن الدين الذي ينتظر كل مخطئ – إن كان ثمة خطأ – بالويل و العذاب و الجحيم و الرعب، لا بالسماحة والعفو والسعة والغفران، هو دين منفر لا مبشر، ينحاز للترهيب لا الترغيب. وهو تصور ظالم مجحف للإسلام، لم يتسبب فيه الدين نفسه، بل تسبب فيه فقهاء الظلام وشيوخ الكبح!
< الرابعة : إن مواجهة هذه الموجات الظلامية المتتالية لن تؤتي ثمارها المرجوة، إلا بثلاث طرق:
1 – توضيح الوجه المضيء للإسلام وإشاعته، وكشف الغطاء، الذي وضعه السلفيون القادمون، منه، وتعميمه في المدارس والمعاهد والكليات والإعلام والتلفزيون ووزارات الأوقاف وخطب الجمعة وسائر وسائل الوعي والتربية والتعليم.
2- فك الارتباط المتين بين السلفية الدينية المحافظة و السلطة السياسية المستبدة. فما كان لهذه السلفية المحافظة أن تنشر وتتغوّل إلا بحلف مكين مع السلطات السياسية القاهرة، التي تتغذى بهذه السلفية وتغذيها، تبقى بها وتبقيها، كما افهمنا الكواكبي في "طبائع الاستبداد".
3- إعطاء ما لقيصر لقيصر، وما لله لله. بتعبير آخر : تطبيق شعار الثورات الوطنية العربية الخلاق " الدين لله والوطن للجميع"، تطبيقاً يجسد فصل الدين عن السياسة، بحيث يكون الدين علاقة روحية بين العبد والرب، وتكون المواطنة المدنية عقد التعامل بين المواطنين و المواطنين، وبين المواطنين والدولة، من حيث الحقوق و الواجبات المنصوص عليها في القانون الذي يخضع له الجميع، بصرف النظر عن الدين و الجنس و اللون و الاعتقاد.
***
< بهذه الطرق الثلاثة يمكن أن نعبر الهوة إلى الحداثة الحقة، ويمكن أن يزول – أو يضعف –سيف الظلام المسلط على رقاب العباد و المواطنين والمبدعين. وبغيرها سنظل ندور في هذه الحلقة الجهنمية المفرغة، التي يرفع فهيا السوط على المغني إذا عزف العود ( الله يرحمك يا زرياب)، وعلى الشاعر إذا أطلق مجازاً ( الله يرحمك يا أبا نواس)، وعلى الروائي إذا رصد مشهداً ( الله يرحمك يا ابن طفيل.
وستظل الحرب دائرة بين فريقين من المجانين:
فريق مجنون ليلى، أي مجنوني الحب و البهجة و الجمال، وفريق مجنوني مكارثي والحجاج الذي رأى رؤوساً حان قطافها، أي مجنوني الكراهية و القبح و الكآبة.
وساعتها سنعيد مجدداً قراءة ديوان قاسم حداد "خروج رأس الحسن من المدن الخائنة"، وسنعيد مجدداً الاستماع إلى صوت مارسيل خليفة وهو ينشد : " في كفة خصفة زيتون وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي، وأنا أمشي".
***
كانت الآمال تحدونا بقوة، كما عبرنا هنا أكثر من مرة ونحن نستعيد ذكريات وتراث ربيعنا البحريني الشعبي - الهجري والطقسي - والذي يمتاز بتقاليد وعادات جميلة بديعة من مناسبات الفرح والسرور الخاصة والعامة التي تتخللها الأغاني والرقصات الشعبية في ذكرى
مواليد الأنبياء والأئمة والأولياء الصالحين وحفلات الزواج.. أقول كانت الآمال تحدونا بأن نحفز وننشط شيئا من الذاكرة الجماعية لعل يتصدى بشجاعة نفر من الأخيار المعتدلين من رجال الدين وعامة المثقفين الاسلاميين الذين يتحلون ولو بقليل من الاستنارة والاعتدال لاستعادة شيء من تلك التقاليد الشعبية العريقة البهيجة من أغان ورقصات محتشمة، كما هو الحال لدى كل شعب يعتز بمثل هذا التراث الحضاري، كالشعب الإيراني الذي يعتز بقوة بتراثه القومي ويقدس نظامه السياسي بعض قوانا السياسية ذات الوزن على الساحة السياسية والشعبية. لكن ها هي الرياح ليست تجري بما لا تشتهيه السفن فحسب، بل ومن سيئ الى أسوأ أي فليت الربيع مر بطقوسه الكئيبة التي تكرست على مدى نحو ثلاثة عقود لتمحو كل تقاليد البهجة والبسمة والسعادة المعروفة، لا بل ان رواد تلك الطقوس المستجدة الكئيبة بذلوا كل ما في وسعهم لمنع أي محاولة لاستعادة البسمة حتى لو كانت تجري في عالم نخبة غير نخبتهم وسعوا الى اجتثاثها كأوصياء على الناس وحرياتهم الشخصية. وهكذا جاءت الفضيحة البرلمانية المدوية بتشكيل لجنة لمحاكمة ربيع الثقافة وتصوير فنان مناضل لبناني كبير «مارسيل خليفة« أفنى عمره فنيا في خدمة المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي وكأنه ارتكب عملا فاحشا وكانت أغانيه ممنوعة داخل اسرائيل وفي كل الدول العربية طوال عقدين ونيف حيث كانت أشبه بمثابة سلاح معنوي آخر بمعنى الكلمة يلهب صدور رجال المقاومة وعامة الجماهير بالحماسة الوطنية المتدفقة. وكان أينما حل في قطر عربي تتوافد على حفلاته آلاف الجماهير الغفيرة لعدة ليال ويستضاف في هذه البلدان بما يليق بمكانته وقامته. وحتى فضائية حزب الله «المنار« وجدت في أغانيه ما يشحن مقاتليه وجماهيره بالحماسة ورفع المعنويات.. لكن كل هذا التاريخ الناصع الفني الوطني المقاوم الهام لم يشفع لمارسيل خليفة لأنه ارتكب «سقطة أخلاقية« خطيرة جدا لا تغتفر فكأنما لا يمكن المناورة سياسيا لتأجيل هذه القضية باعتبارها قضية الساعة الملحة. ولأن الخطر الماجن الذي قام به اشنع مما مارسته نانسي عجرم فقد قرر المجلس الجديد تشكيل أول لجنة تحقيق برلمانية على الفور باعتبارها أهم قضية جماهيرية آنية ملحة لا تقبل التأجيل. لكن الاسلام السياسي المعارض لم يسأل نفسه مادامت القضية هي أخلاقية بالغة الالحاح لا تقبل التأجيل لماذا الاسلام السياسي الموالي هو دائما السبّاق الأكثر منه يقظة وورعا وغيرة على بيضة الاسلام في المبادرة لهذه القضايا؟ وما إن كدنا نجفف ماء وجوهنا الذي أريق خجلا مع ضيوف البلاد بسبب تلك الفضيحة البرلمانية المدوية حتى تلا ذلك غياب تقليد تاريخي عريق غير مفهوم ألا وهو الاحتفال بالمولد النبوي حتى بشكله الخطابي التقليدي الرتيب المعتاد. والغريب ان هذا يحدث في هذا البلد الصغير المتسامح الذي لم يعرف صراعات أو حروبا أهلية كالتي يعرفها العراق. ومع ذلك فإن هذا البلد كما ذكرنا مرارا مازال قادرا على خلق البهجة والفرح والبسمة واستعادة أشكال من أعراف التسامح والوحدة حتى في أوج ووسط دوّامة العنف الراهنة. ففي البصرة وخلال موسم الربيع الحالي - بمعناه الفصلي والهجري - والمتزامن مع ذكرى تأسيس أحد الأحزاب الوطنية التقدمية العريقة وبحضور آلاف المواطنين أحيت فرقة «الطريق« حفلا فنيا سامرا لقي استحسانا منقطع النظير من قبل الناس التي ملّت وسئمت العنف واحياء تقاليد الأحزان على نحو متشدد مفرط دائم تمتد حتى في أوقات غير المناسبات الخاصة بها وتضمنت الاحتفالات إلى جانب الأغاني الوطنية، أغاني عاطفية عراقية قديمة ورقصات شعبية بديعة. يحدث ذلك في قلب البصرة معقل قوى الإسلام المتناحرة والمتسلطة بالسلاح على الشارع وعلى حياة الناس وحرياتهم الشخصية. وفي بغداد ومناطق أخرى أحيا العراقيون واحدة من الرياضات الشعبية القديمة ألا وهي «مصارعة الديوك«. والطريف ثمة قواعد وقوانين دقيقة صارمة ينبغي لأصحاب الديوك مراعاتها في هذه اللعبة، مثل السن القانونية للديك المتصارع، وعدد الجولات، ومتى يعتبر الديك مهزوما أو يُطرد من حلبة المصارعة، وضبط حالات الغش التي يلجأ إليها أصحاب الديوك المتصارعة لتفادي هزيمة أو إصابة ديوكهم، تماما كقواعد «الأولمبياد«. وهي كما نرى قوانين وقواعد يفتقر إليها ديوك الاسلام السياسي العراقية المتناحرة الآن على حلبة العراق الواسعة والتي يدفع ثمنها من دمائه انهارا الشعب المعذّب!
***
سمو ولي العهد بالفعل ليتك تتحدث كل يوم.. فسبحان الله ما إن طرح سموه رؤيته النيرّة عن »ربيع الثقافة« حتى تبدلت المواقف، وكأن السحر انقلب على الساحر، فتغيرت الكلمات وتبدلت الاشكال والألوان والمواقع والافكار واصبحوا جميعهم - يا سبحان الله - مع الثقافة، وهم الذين كانوا لما قبل ساعات من نشر الحديث ينحرونها نحراً.. فسبحان مغير الاحوال من حالٍ إلى حال.. وليتك ولي العهد تتحدث كل يوم..!! فالانقلاب على المواقف كان بالنسبة لهم سهلاً، وكان عجيباً، وكان مريباً، وكان مدعاًة للضحك واطلاق الطرائف على من يبدلون كلامهم ومواقفهم بالسهولة التي يبدلون بها ثيابهم، فسبحان الله، ما ان نشر حديث سمو ولي العهد حتى بادر أول نائب إسلاموي من جماعتهم كان قد اطلق على ربيع الثقافة اسم »ربيع السخافة« بالقول »ربيع الثقافة ليس بحاجة إلى من يدافع عنه«، ويضيف لا فُضّ فوه »ربيع الثقافة لا يوجد أحد هاجمه«..!! سبحان الذي يُغيّر ولا يتغير.. اذا لم يكن وصفك لربيع الثقافة بربيع السخافة هجوماً على جميع فعاليات الربيع وجميع انشطته، فبماذا تسميه، وكيف تفسر تعبير »السخافة« اذن؟؟ ثم كيف تفسر لنا نحن العامة الذين لا نفهم قول نائب وزميل لك في المجلس عن ربيع الثقافة »بخريف السخافة«، وآخر من نفس زملائك قال »زبالة الثقافة«، وزايد آخر بقوله تفاهات الثقافة.. أليست كل هذه الاوصاف هجوماً على الثقافة وعلى ربيع الثقافة..؟؟ اذن لماذا تبدلون الآن مواقفكم وتحاولون التهرب منها والاعتذار عنها.. سمو ولي العهد ليتك تتحدث كل يوم بمثل حديثك النيّر والحضاري لنكتشف كيف سيتبرأ المتبرئون حتى من لجنة تحقيقهم التي توعدوا وهددوا بها ولوّحوا بقدرتها على الحساب وعلى العقاب.. وعلى.. وعلى.. ثم تراجعوا بعد حديث سموك وقالوا على استحياء »اللجنة ما هي الا للاستيضاح عن نقطة محددة«، ثم اضافوا بنوع من الهروب »الموضوع اخذ اكبر من حجمه« يا سبحان الله..!! هل نعود بكم إلى مضبطة جلسة يوم »الثلاثاء الدامي«.. حيث جعلتم الثقافة والصحافة وهي جزء لا يتجزأ من الجسم الثقافي العام للبلاد ضحية وقرباناً على مذبح مجلسكم الموقر، فقلتم فيها ما لم يقله مالك في الخمر، ولم توفروا كلمة في قواميس التنديد والشجب والهجوم الا واستخدمتموها ضد الثقافة والصحافة، وفي الاخير وبعد نشر حديث سمو ولي العهد صارت اللجنة »للاستيضاح فقط وعن نقطة محددة فقط.. والموضوع أخذ أكبر من حجمه..؟؟ الآن فقط صار »أكبر من حجمه«.. (ما كان من الأول) حسب التعبير المصري الشهير لتدركوا ان تاريخ البحرين الثقافي والحضاري لن يقبل أبداً ان تجروه إلى كهوف الماضي. يا سبحان الله.. من الذي أعطى الموضوع اكبر من حجمه، هل نسيتم صراخكم وزعيقكم حتى كادت حناجركم ان تتمزق و»لوزكم« ان تسقط من »بلاعيمكم« المتوترة هجوماً على الثقافة، وتنديداً بالصحافة لانها وقفت مع الثقافة التي بلغ هجومكم عليها أسماع العالم العربي، فوضع الجميع يده على قلبه عندما لوحتم بالصور المجتزأة في كل الفضائيات بدءاً من الجزيزة ووصولاً إلى الـ »L.B.C«.. ثم عندما تحدث ولي العهد اعتذر النائب الذي لوّح بالصور وطلب وقتاً »للمشورة«، وهو الذي لم يتشاور غداة تلويحه بتلك الصور، وكأنه يلوّح »بجريمة الثقافة« وجريمة ربيع الثقافة الذي سماه »خريف السخافة« في حديثه للجزيرة التي زودها بتلك الصور وعرضتها بطريقة مثيرة..!! والمصيبة انكم وانتم تبدلون أقوالكم وتقلبون لسانكم تفترضون كالعادة الجهل في الناس وانهم سيصدقونكم كل مرة، وهو افتراض خاب هذه المرة.. فليتك ولي العهد تتحدث كل يوم.
الايام- 8 ابريل 2007
****
الفنان لوحده تشعبات وأفكار وعالم لا محدود من الإبداع وفلسفة التفكير وخليط من عدة ثقافات، وفي هذا الزمان من السهل أن يطلق احدهم على نفسه صفة فنان، لكن من الصعب أن يكون خالد الشيخ!!
فنانون كثيرون وكبار عبروا من خلال الصحف عن استيائهم لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لمحاكمة الثقافة، اما خالد الشيخ فلم يختر الصحف.. اختار ان يغني!!
لم يكن تحذيراً ولا هتافاً او صراخاً أطلقه على خشبة مسرح الثقافة الاسبوع الماضي، بل غناء: لا تعتذر عما فعلت..
خالد اعلن بكل شجاعة وقوفه بجانب خليفة وحداد - الثقافة - ورفضه التلقين الديني.. وقوفه في وجه قوة الظلام فيما فضل البعض التواري خلف الكرسي وتدثيره »ببشته«.. هذه هي عبقرية الموقف عندما تخرج من فنان بدرجة مفكر.
خالد الشيخ.. اختار طرح أفكاره التي يومن بها في سبيل صنع الهوية الفكرية كي تتشكل بحرية. وهذه الأفكار، مثل الأعشاب، تنمو، والحفاظ على ثبات نموها يحتاج ليس الى فلسفة الواقع بل الموت لأجلها.
»ربيع الثقافة« كان المفصل لإظهار المعدن النفيس وكان الاختبار لمصداقية الفنان.. كان لا بد من إظهارها وتبيانها وتوضيحها لكل البشر فلا يصح ان يكون فنانا بلا مصداقية ولا يصح ان يتخلى عن واقعه ويشطح بعيدا عن هموم المجتمع.. خالد الشيخ في تلك الأمسية كشف المواقف وأحرج تناقضات غريبة لبعض الوزراء تستعصي على الانسان العادي البلع، والمفارقة انها حدثت وهم »قعودا«.
برافو خالد.. امسية »الثلاثاء« كشفت أننا ما زلنا أصحاء وأن فيروس التخلف يقاوم وسننجح في القضاء عليه.. برافو خالد.. أمسية »الثلاثاء« درس خصوصي ليس في الفيزياء او الكيمياء او الرياضيات بل في فن الشجاعة وتحمل مسؤوليته.. وما أحوج بعض مسؤولينا لمثل هذا الدرس!!
الايام
****
كتب الروائي الفلسطيني غسان كنفاني ذات يوم قبل أن يغتال، روايته »ماذا تبقى لكم« في زمن بدأت الظروف تحاصر الإنسان الفلسطيني في كل موقع ومكان وفي الأرض التي سلبت والمهنة التي باتت محددة عليه بحق امتهانها، والحياة التي صارت كابوسا والحرية التي يفتش عنها ولم يجدها فاتسعت رقعة الاغتراب من الخارج والداخل، تحولت الأشياء جميعها على ذلك الإنسان قيدا يكبله من جميع الزوايا وما عليه إلا أن يفتش عن مصير مجهول حتى وان كانت تشوبه المخاطر، فما عاد الموت يخيفه.. فماذا يتبقى للإنسان في كل مكان حينما تسلب اعز مسألة لديه وهي الحرية.
في هذه الأيام التي نمر بها بدت معركة الثقافة لا تنحصر في مسألة ربيع الثقافة كما نراها ولا كما يصورها البعض، إذ هناك واقع سياسي وفكري في مملكتنا يحاصر الإنسان في حريته الشخصية والحياتية، وهذه القضية ليست مرهونة بسبب فضاء مجلس النواب وحده، فقد ظهرت تلك المعارك الصغيرة والكبيرة دائما من فوق منابر المساجد والأحياء والأمكنة والأفعال والأعمال الدعوية والتحريضية ضد الآخرين، ظهرت في مواقع الانترنت والأحوال الشخصية والتحريض على الأشخاص وتشويه سمعتهم لمجرد أنهم يختلفون مع الأخر مهما كانت توجهاته، فقد كان منهج وبرنامج التيارات الدينية منذ أكثر من ثلاثة عقود هو المحاولة الدؤوبة لتملك واستلاب الواقع الاجتماعي والفكري وتطويقه بمنهج ديني قائم على العصبية العمياء.
وطالما تلك النظرات والمناهج سائدة فإنها تقود بالضرورة إلى طريق الطائفية الدينية والاجتماعية والتخندق السياسي بين تلك الأطراف التي تحالفت على ربيع الثقافة التي لا تمثل قاسم حداد ومارسيل خليفة وإنما تمثل فضاء تنويرياً أوسع يودون خنقه بشتى الأشكال والوسائل والسبل، فكان من مقتضيات الحرب السياسية الخفية بعد دخولنا الانتخابات والتصويت والديمقراطية بعدم ترك تلك المؤسسة السياسية بالسقوط تحت مظلة الليبرالية والعلمانية التي كانوا نهارا وليلا يشنون عليها بأسنانهم الحادة وبدمويتهم الكلامية وعدوانيتهم للحريات بتلك الحجة الأبدية التي لن تنتهي بسبب نظرتهم للحياة والتطور وبسبب رغبتهم بأن يكون المجتمع والناس يسيّرون بآلياتهم وتعاليمهم، وكأنما الوجود والبشر والبداية والنهاية حقيقة مطلقة يرونها في نظريتهم وبذلك العالم الخاص الذي يفهمونه كما يرغبون دون أن تتاح للآخرين حقوق النقاش والمساهمة والمشاركة والاختلاف والدفاع عن وجودهم في هذه الحياة بالطريقة التي يرغبون العيش بها، وبدلا من الحق المشترك للجميع في هذه الحياة والعيش المشترك بحقوق متساوية صاروا هم من يحددون لنا كيف ننام وكيف نتحرك وكيف نفكر وكيف نحيا ونموت؟
تلك النزعة التسلطية والإكراه في فهم الحياة والكون والرؤية لا تبتعد عن أية رؤية تسلطية واستبداد لنظام سياسي الذي يسعى لوضع الناس في قفص العبودية الجديدة بعد أن وضعها لقرون في عبودية متواصلة. لا افهم لماذا يعتدي الآخرون على حريتنا طالما أن تلك الحرية في فهم الحق والخير والجمال فلسفة مختلفة عن فلسفتهم؟ بل ولماذا هم يقتحمون تلك الأمكنة التي لا تخصهم ويمارسون حولها التابو والمنع والهجوم في منابرهم؟ وعندما يدافع الآخرون عن أنفسهم كجزء من خطوط التماس الأخيرة من الحرية يبدأون بالزعيق بأعلى قمة رأسهم ويخرجون عن تلك المسافة المتاحة لهم، وتظهر تلك الأنياب والمخالب الحادة ويغرسونها في جسد الثقافة والحرية تحت مظاهر عدة من أولها، وبأننا كمثقفين ننتهك الشريعة والدين والقيم بينما تناسوا هم بأنهم تخطوا دورهم الديني والمجتمعي وتمظهروا كوعاظ وسياسيين بدلا من أن يكونوا رجال دين معنيين بدورهم الفعلي، ومن المؤسف أنهم تخطوا دور السلطة التنفيذية وتخطوا حقوق الناس في الدستور والميثاق. وعندما فتشوا في المواد لم ير إلا تلك الجزئيات التي تخصهم ونثروا غيظهم في كل بقعة في المدينة. فهل فعلا معركتهم بدأت مع ربيع الثقافة ولم تنته؟ وهل ستتوقف عند حدوده بعد انتهاء ذلك الربيع أم أن معركة فهم الحقوق والحريات أوسع من برنامج ثقافي موسمي نودعه بعد أيام ونعيش حياتنا الثقافية والفكرية واليومية المتواصلة، والتي ينبغي أن توضع لها أسس ومعايير يفهمها رجال الدين كما يفهمها المجتمع في كل مؤسسة وموقع وميدان، بحيث لا نسمع قصصا وحكايات ومواجهات ندخلها كل أسبوع وشهر وموسم، بحيث لا نركض وراء الوهم والمبالغة والتضخيم لواقع حضاري يؤسس المجتمع المدني الجديد الذي يغرس نباتات الحقوق الفردية والمجتمعية والمؤسساتية.
لا نعرف ماذا يريد الأفاضل من رجال الدين خلف رداءهم، هل يودون أن نجلب إلى البحرين نموذج أنظمة الجيران وطالبان المقبور؟ هل يرغبون سلب الحياة وخطفها لكي يصبحوا هم من يدير النظام السياسي تحت حجتهم وهجومهم ويحرضوا جمهورهم بكل سهولة على الاعتداء لكونهم يدركون مدى مستوى ذلك الوعي؟ للحرية قيمة ومعنى لا يمكن حصرها في الدين وحده كما أن للحرية والحقوق لا يمكن حصرها في الاستبداد والإكراه المجتمعي والسياسي. من يرغبون إدارة الحياة من اجل مشروعهم فلا بأس عليهم، فقط أن يلتزموا بحدودهم وحقوقهم ولا يحاولوا الاقتراب من حق الآخرين في الحياة وهم المعنيون وحدهم بوجودهم ومصيرهم في النهاية المنتظرة.
الايام
****
في منطقتنا وتحديداً في بلادنا البحرين، تربطنا منذ القدم علاقات وثيقة وقوية مع الحضارة البابلية والآشورية، وتتداخل تلك الحضارات مع الحضارات الفرعونية والهندية والصينية والفارسية والرومانية في بعض من العادات والممارسات والطقوس، في زمن لم تصل فيه ثورة المعلومات والاتصالات، الى ما هي عليه اليوم، فكيف الحال بنا، عندما يقف ممثلو الاسلام السياسي في مجلس النواب ليشكلوا لجنة محاكمة للثقافة، شبيهة بلجان محاكم التفتيش التي شكلت في اوروبا بدءًا من القرن الثالث عشر، وصولا الى القرن السادس عشر، وراح ضحيتها المئات والآلاف من المفكرين والمبدعين وأصحاب الفكر والرأي.
باسم الكنيسة، كان يصلب ويحرق ويشنق ويقتل وتقطع الالسن والايدي والارجل، كان رجال الدين وكهنة الكنائس الحكام الفعليين بالتواطؤ مع ممثلي الاقطاع والنبلاء في تلك القرون السوداء في حياة الشعوب الاوروبية، فلم تتطور اوروبا إلا بعد انتهاء حقبة محاكم التفتيش، فهل يطمح نوابنا الافاضل، ممثلو الشعب، ان يعيدوا التاريخ للوراء؟
والبداية تكون في الشاعر البحريني المبدع قاسم حداد، والفنان اللبناني المعروف مارسيل خليفة، فإذا كان هؤلاء النواب حريصين على نقاوة وطهارة المجتمع من الموبقات والرذيلة، عليهم البدء بتشكيل لجان تحاكم الذين يوزعون المخدرات في المجتمع من شبكات كبيرة تدر عليهم ارباحا طائلة، اسألوا الاهالي عن الخدم الذين يهربون من بيوت مخدوميهم او كفيلاتهم او كفلائهم اين يذهبون؟ اسألوا العوائل الذين يتم تزويج بناتهم بزواج المتعة او المسيار، ويخربون البيوت والأسر المستقرة.
والبعض يريد أن يؤسس جمعيات خاصة بتعدد الزوجات في الوقت الذي يمارس العنف ضد المرأة والطفولة لا يحرك ساكناً ضد تلك الممارسات الوحشية، اسألوا واسألوا ايها السادة الافاضل، عليكم ان تبحثوا في جذور المشاكل الاجتماعية القائمة في مجتمعنا ومعالجتها والدفاع عن حقوق الفئات المضطهدة، ومن يتحمل المسؤولية قبل ان تحاكموا الثقافة والصحافة، فلدرء الفساد الاخلاقي عن المجتمع، عليكم التوقف امام القضايا المسببة لتلك البؤر الاجتماعية الفاسدة، والمفسدة في مجتمعنا، ويزيدها سوءاً التجنيس، والبطالة في صفوف الشباب، ناقشوا هذه القضايا واعملوا على ايجاد الحلول لها بصفتكم ممثلي الشعب، الم يقل العديد منكم، بانه تم انتخابكم لقبة البرلمان من قبل الشعب، فماذا فعلتم له؟ البعض يمارس الضغط على المسؤولين والوزراء لكي يحصل على مكاسب لجماعته او تياره. وهناك شواهد عديدة في الوزارات تتحدث عن ذلك، اين انتم من الشعب يا ممثلي الشعب؟ لا تنطلي على شعبنا الافتراءات والبطولات الكاذبة، فالواقع يعري زيف ادعائكم بمنجزات وهمية. اين برامجكم الانتخابية مما يجري في دهاليز مجلسكم الموقر؟.
الحقيقة الواضحة للرأي العام، بانكم ضقتم ذرعاً بالنقد الذي يوجه اليكم من خلال الصحافة وسوء ادائكم في البرلمان، ويكشف الحقائق للناس. ماذا تفعلون في المجلس؟ الديمقراطية من دون الثقافة والابداع لا تتطور، اما الرأي والرأي الآخر والتعددية الفكرية والسياسية، فانها تشكل خطراً على منهجكم الاقصائي والشمولي، فتلجأون الى محاربة الافكار المغايرة لكم، وتعملون على تكميم الافواه من خلال منابركم المعروفة، وتتوجه السهام الى صدور المعارضين لآرائكم وافكاركم، فتارة تصفونهم بالعلمانيين وتارة اخرى الملحدين وغيرها من الاوصاف والنعوت.لا تستطيعون مواجهة الحجة بالحجة.
اين انتم من تشكيل لجنة تحقيق في التمييز واصدار قانون يجرم التمييز وبكل اشكاله وانواعه؟ البعض يعتبر ذلك معركة يجب ان يصفي حساباته فيها، لذا يتطلب من القوى الليبرالية والديمقراطية والتقدمية في المجتمع ان توحد رؤيتها في كيفية التصدي للهجمة الرجعية التي بدأت منذ مجلس النواب السابق، وسوف تستمر تحت عناوين مختلفة والا تكون في بيان فقط. اما الحكومة فهل يهمها تطوير الدولة المدنية والحديثة، او تهمها مسايرة ورضا تلك القوى النافذة في المجتمع. عليها ان تفكر جيداً: ماذا حصل لمن ساير تلك القوى في بداية السبعينات ضد القوى الوطنية والتقدمية في مصر والجزائر؟ ماذا كانت النتيجة؟
بكلمات أخيرة على القوى الوطنية والديمقراطية، ان تكون صريحة وواضحة في مواقفها من تلك التطورات الحادثة في مجتمعنا والقادم اسوأ.
الايام
***
على خلفية شعار »فتش عن الحكومة« هكذا يقرأ وهكذا يحلل ويفسر بعض »التقدميين والقوميين« كل الازمات وهكذا يحيلون عليه كل القضايا الجديدة الناشئة والناشبة في المشهد البحريني وهكذا يفهمون التجاذبات في واقع سياسي واجتماعي لا يمكن تحليله وتفسيره »بحسب تقديرنا« وفق هذا التبسيط المخل بطبيعة تعقد الصراع وتشابكه، بحيث لا يمكن فهمه بنظرة أحادية يختصرها شعار »فتش عن الحكومة«. وهو الشعار الذي من الواضح أن الصديق والزميل ابراهيم شريف كتب به مقالته المنشورة يوم الاربعاء الماضي في »الأيام« فلم يوفر الاسلام السياسي »الذي قاد الهجمة التتارية على الثقافة« ولم يساند الليبراليين الذين دافعوا عن الوجه الحضاري والتاريخ الثقافي للبحرين، فهم جميعا قد انساقوا إلى »الشباك والفخاخ« التي نصبتها الحكومة فانشغلنا »بتفاهاتنا«.. هل تعتبر الهجوم الكاسح على الثقافة والابداع وجرجرتها الى محاكم التفتيش »أمرا تافها« لا يستحق استنفار المستنيرين للدفاع عن آخر معاقلهم المهمة فكرياً وثقافياً وابداعياً.. وهل الوقوف في وجه الأجندة الظلامية وفضح اهدافها من »تفاهاتنا«.. عجبي..!! ولأن الصديق شريف يريد ان يثبت للناس ان الحكومة تقف وراء التصعيد في قضية ذبح الثقافة لتشغلنا »بتفاهاتنا« كما أشار ولتفرح لصراخنا كما قال، لأنه كذلك فقد غاب عنه وهو أمين عام جمعية سياسية تقدمية مهمة »خرج من خلفية تاريخها النضالي والثقافي شاعرنا قاسم حداد الذي هاجم الاسلاميون نصه وكفروه واستنكروه«.. فتناسى »شريف« ان للاسلام السياسي الحزبي في بلادنا كما في البلاد الاسلامية الاخرى مشروعاً معلناً في اجنداتهم وهو إقامة الدولة الدينية التي يسعى اليها الاسلام السياسي، بغض النظر عن المذهب او الطائفة وهي الدولة التي ستقوم على انقاض الدولة المدنية التي يعمل الاسلام السياسي على تقويضها وهدم مقوماتها ومرتكزاتها، هذه هي اجندتهم. وهذا هو مشروعهم المستقبلي الذي لا ينكرونه ولا يبحثون او يحتاجون لمن يبرر ويسوق لهم، فهم فيه واضحون كل الوضوح. ولذا فنحن الليبراليين نقرأ ونفهم هجومهم على المشروع الثقافي المستنير على أنه يأتي ضمن سياق مشروع اسلاموي سياسي كبير وليس نتيجة وقوعهم في »الشباك والمصيدة والافخاخ الحكومية« كما قال شريف.. وبالتالي فليس تصدينا لهم ودفاعنا عن الثقافة الوطنية الليبرالية المستنيرة انزلاقا في »المصيدة ووقوعا في الشباك« بقدر ما هو دفاع مبدئي عن الثقافة المستنيرة بوصفها جزءا من المشروع المستنير الذي نتبناه. ولم يقف الليبراليون على »مسافة فرسخ« من »باب المحرض الاول« كما قال شريف ويعني بها الحكومة.. فالمقالات الكثيرة والاعمدة اليومية في هذه الجريدة وفي غيرها من الصحف الزميلة الاخرى انتقدت الاجهزة الرسمية على صمتها وطالبتها علناً وفي اكثر من مقال، وفي اكثر من عمود بتحديد موقفها من القضية، ولعلك يا صديقي تتذكر افتتاحية »الأيام« التي نشرت في صدر صفحتها الاولى وكان تعبيراً جلياً عما نقول. ولأن الصديق شريف مشغول بالتفتيش عن الحكومة وراء كل ما يجري، فإنه لم يقرأ ما اشرنا اليه من مقالات ومن اعمدة بل قاده البحث عن اصابع الحكومة لان يتحول الى داعية ومرشد ديني وواعظ فيتحدث عن الرذيلة وعن ان »البحرين تعاني هبوطا اخلاقيا« وعن تجارة الرقيق مستنهضا في ذلك همم الاسلاميين مطالبا شرطة الآداب للقيام بواجبها حتى خِلْتُ وظننتُ انني اقرأ وأسمع ابراهيم بوصندل وليس ابراهيم شريف.
الايام
****
البيان الذي نشر بتاريخ 20 مارس 2007م في الصحافة المحلية من قبل جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في مملكة البحرين والمعنون بـ «دفاعا عن الثقافة والابداع« جاء ردا على الحملة المتشددة لنواب على برامج وفعاليات «ربيع الثقافة«، الذي يحتفى به في مملكة البحرين.. هذا البيان الشعبي الجماهيري وقعت عليه (54) جمعية سياسية وثقافية وصحفية ومهنية وشبابية من ضمنها 12 جمعية نسائية هي جميعها تمثل شعب البحرين أبلغ تمثيل بمختلف تياراته الوطنية واتجاهاته الديمقراطية، وقواه التقدمية والمستنيرة، وبشتى فئاته وطبقاته ومشاربه.. هذا البيان ندد بشديد الامتعاض بممارسات النواب الذين توحدوا ضد كل ما يمت إلى التقدم الانساني بصلة، وبما يمس نهضة الابداع الثقافي والفني والمسرحي، بشروعهم في تشكيل «لجنة تحقيق« ضد مهرجان «ربيع الثقافة« من أجل محاكمة الثقافة ومن أجل إخضاع أصحابها للمحاكمة والمساءلة أيضا وعلى رأسهم المبدعان الشاعر قاسم حداد والفنان مارسيل خليفة.. ولكن بيان مؤسسات المجتمع المدني جاء ليضع حدا لوصايا وفتاوى قوى تيار الاسلام السياسي، وليزيد من عزلتها، بقدر ما كشف هذا البيان أن هذه التيارات تكافح وتحارب ديالكتيكية الحياة، وجدلية الوجود، اللتين هما الزاد للفكر الإنساني، ونبض الحياة لحفز ذهن ووجدان الانسان المبدع والانسان المنتج.. وبقدر مناهضة قوى تيار الاسلام السياسي لـ «ربيع الثقافة« فانها تناهض حرية الفكر وحرية التعبير وحرية الكلمة وحرية الابداع الفني والمسرحي والفكري والانساني والحضاري، بل مناهضتها للانفتاح والديمقراطية في مملكة البحرين، وبحسب ما تحاكم هذه التيارات الدينية «ربيع الثقافة« فانها تحاكم العقول المستنيرة، التي هي محور العملية التنموية الشاملة والمفاهيم الحضارية، وركائز الابداع والخلق والعطاء والابتكار، ومثلما أعلنت هذه القوى بغضها لـ «ربيع الثقافة« فانها في واقع الامر تكره استمرارية الحياة بحظها الديالكتيكي الصاعد.. من هذا المنطلق أماط بيان مؤسسات المجتمع المدني اللثام عن أجندة الخطاب الديني، التي اعتمدتها قوى التيار المتشدد كنهج طوباوي، يسقط الماضي على الحاضر، ويفصل التراث عن التجديد، ويقفل باب الاجتهاد، ويهمش دور العقل والبعد التاريخي، ويحارب مبدأ التعددية واختلاف الآراء والمعتقدات. ولعل القول يبقى صحيحا ان تلك الحملة في مناهضة «ربيع الثقافة« تمثل جزءا أساسيا لا يتجزأ من أجندة هذا الخطاب الديني، القائمة على مظاهر الترهيب والتهديد والتشهير والتكفير، التي تمثلت بجلاء في تشكيل «لجنة التحقيق« لمحاكمة «ربيع الثقافة« من قبل بعض النواب، هذه اللجنة ما لبث أصحابها أن ينحصروا في عنق الزجاجة تحت طائلة الامتعاض الشعبي وفي ضوء المزيد من النقد والعتب من قبل ناخبيهم الذين أوصلوهم الى قبة البرلمان، عبر إلحاح تساؤلاتهم كيف تجرأ هؤلاء النواب على تشكيل لجنة تحقيق لمحاكمة «ربيع الثقافة« في الوقت الذي عجزوا فيه بل نأوا بأنفسهم عن تشكيل لجان تهم حياة المواطنين، وتتعلق بمصير الناخبين، وأهداف الشعب وسيادة الوطن؟ كتشكيل لجنة لمكافحة الفساد أو هدر المال العام أو البطالة أو الإسكان أو غيرها من اللجان للقضايا الملحة.. ولعل ما أسلفناه من القول في أن قوى تيار الاسلام السياسي تعاني الانكفاء تحت مجهر المواطنين والناخبين ومؤسسات المجتمع المدني ببيانهم التاريخي الصادر بهذا الشأن، فان عزلة هذه القوى ازدادت في ضوء البيان المشترك الذي نشر في الصحافة المحلية، الصادر من الفنان مارسيل خليفة والشاعر قاسم حداد والمعنون بـ «جئنا لنعلن الحب.. ارفعوا أيديكم عن حناجرنا«، وكذلك البيان الصادر عن مثقفين وفنانين وشعراء وكتاب وباحثين وأكاديميين واعلاميين عرب، دفاعا عن «ربيع الثقافة« وعلى رأسهم أدونيس وبرهان غليون ومحمد مخلوف والعفيف الاخضر، بحيث جاء في هذا البيان القول: «بأنه مرة أخرى يظهر وجه العدوان بكل ظلاميته في حرب (ماضوية) تستهدف اليوم (ربيع الثقافة) في البحرين، ومفاهيم الحب وحرية التعبيرات ومسارات الثقافة والفن التي يمثلها هنا مارسيل خليفة وقاسم حداد«.. في نهاية المطاف نفخر بالقول ان التجارب الانسانية والمجتمعية والسياسية لتداعيات أحداث الساعة اليومية، وارتباطها بالمرحلة التاريخية، قد دفعت بشعب البحرين إلى ان يترسخ وعيا وانفتاحا، ويزداد تشبثا بمفاهيم الحرية والديمقراطية، وبتداعيات الثقافة الحرة والفن الرائع والابداع الجميل، بأفكار انسانية راسخة الوعي بالغة النضج، التي هي انعكاس للواقع الاجتماعي بتداعيات أحداثه ومستجداته.. ولعل مهرجان «ربيع الثقافة« هو جزء من هذه الاحداث، الذي تفاعلت مع فعالياته مختلف قطاعات وشرائح الشعب البحريني.. ويكفي استدلالا هو تفاعل الجمهور الغفير الذي حضر الحفل الرائع الذي أحياه الفنان خالد الشيخ على صالة البحرين الثقافية مساء 27 مارس 2007م، وانسجام فكر ووجدان هذا الجمهور مع الشجاعة الرائعة التي أعلنها الفنان خالد الشيخ في دعمه ومساندته للأدباء والفنانين وفي مقدمتهم الفنان مارسيل خليفة والشاعر قاسم حداد، كما ان انشودته الوطنية الجميلة «الورود للموتى والحجارة للأطفال« قد حفزت الجمهور الغفير في الصالة بالتشجيع والتصفيق والهتافات المتألقة بجلاء.. هكذا عبر شعب البحرين عن عشقه للحرية، وتعطشه للديمقراطية، وحبه في التعبير عن رأيه وعن موقفه، وعن حسه بجدية الثقافة الحرة، وجدلية الفكر المستنير، وبجمال والتزام الفن والخلق والعطاء والابداع الانساني والادبي والحضاري، كل هذه العطاءات والابداعات الانسانية هي محور حضارة أوال وتايلوس ودلمون، حضارة مملكة البحرين الانسانية المتطورة والرائعة.
اخبار الخليج
6 ابريل 2007
***
برافو جامعتنا الفتية، ولأننا لا نملك ولا نرتدي قبعات لنخلعها تعبيراً عن اعجابنا، ولأننا لا نستطيع أن ننحني لك تقديراً وخوفاً من أن تتدحرج »عقلنا« التي فوق الرؤوس، وليس تلك التي داخلها، فقد تدحرجت منذ زمن ردتهم على كل ما هو حضاري ولم يبقوا لنا إلا »عقالاً« ما زلنا نعتبره رمز الرجولة وسقوطه أو تدحرجه يعني سقوط وتدحرج آخر ما تبقى من رموز رجولتنا.. فاعذرينا جامعتنا أن نقتصر تعبيرنا واعجابنا بديمقراطيتك الأعجب من العجيبة، ببضع كلمات لا توفيك حقك من الاعجاب بديمقراطيتك التي تحسدك عليها الديمقراطيات الأعرق من العريقة. برافو جامعتنا الوطنية؛ فها أنتِ تقدمين لنا الدرس الديمقراطي للمرة الثانية على التوالي.. فبعد سماحك للفصل بين الجنسين كما جرى في قاعة الشيخ عبدالعزيز في ملتقى كلية ادارة الأعمال وبعد تخصيص بابين.. واحد للطلبة وآخر للطالبات تحت أسماعك وابصارك الديمقراطية، وان كان ما جرى يتعارض مع لوائح وأنظمة الجامعة، ها أنتِ مرة أخرى تسمحين بتوزيع دعوة جاء في قصاصتها الورقية التي تسلمها الطلاب »ربيع الثقافة.. ربيع الغواية وتحدٍ سافر لدين هذا البلد وحرماته«. هكذا بالنص ما جاء في القصاصات التي تناقلتها الأيدي في الجامعة التي تصر على ممارسة ديمقراطية »حضارية« عجيبة، حتى وان كان الكلام الذي يجري توزيعه فيه اتهام خطير بتكفير وتأثيم المبدعين.. مثل قولهم في الدعوة »ربيع الثقافة فيه تحدٍ سافر لدين هذا البلد«. فبرافو جامعتنا على تغاضيك وصمتك عما جاء في الدعوة أو في القصاصات.. فهذه هي الديمقراطية وإلا »بلاش«.. بل إن الجامعة بحسب ما نشر سمحت لادارة العلاقات العامة بالجامعة بإرسال خبر خروج تظاهرة يوم الخميس التي نددت بالثقافة.. وكأن الجامعة تفتخر بهذه التظاهرة »الحضارية«.. ثم كيف للجامعة أن تدخل طرفاً في الموضوع فتنشر خبراً عن هكذا تظاهرة.. هل تريد أن تثبت للعالم أنها ديمقراطية الى درجة أنها »تفتخر« بالنشر عن تظاهرة تشجب الثقافة وتدينها وتتهمها بتحدي الدين..؟! برافو جامعتنا الديمقراطية واللهم لا حسد على هذه المساحة العظيمة من الحرية التي لا تتمتع بها جامعات أوروبا وأمريكا، حيث تمنحين بضعة طلاب ترخيصاً لتظاهرة تذبح الثقافة في »بيت الثقافة« في الجامعة.. فأين للجامعات الأخرى مثل هذه النظرة الديمقراطية المستقبلية.. ولماذا لا يتعلمون منكِ الدرس الديمقراطي العظيم الذي يسمح بمنح طلبة لا يمثلون المؤسسات الطلابية الموجودة داخل الجامعة، بتنظيم وتسيير تظاهرة »عصرية تقدمية« بهذا المستوى الحضاري وهي ترفع شعار »الدين منكم براء« وتقصد طبعاً المثقفين والمبدعين والكتّاب الذين يدافعون عن الثقافة..! فبرافو جامعتنا الديمقراطية ونرجو فقط أن يتسع صدركِ الذي اتسع لإقدام البعض على ممارسة الفصل التعسفي بين الجنسين، ثم اتسع اكثر فأكثر لتظاهرة ذبح الثقافة في »بيت الثقافة« في جامعتك.. نرجو فقط أن تسمعي سؤالنا حول عملية الترخيص بالتظاهرات وهل يتم ذلك عبر التنسيق مع »المؤسسات« الطلابية داخل الجامعة والمعترف بها، أم أن اللوائح الديمقراطية العجيبة تسمح لكل اثنين أو ثلاثة من الطلاب حتى وان كانوا يمثلون أنفسهم بتنظيم تظاهرتهم.. وهل الجامعة تمارس أقصى درجات الحرية والديمقراطية حتى ولو كان أحد الشعارات المرفوعة يقول »الدين منكم براء«..؟؟!! أخيراً، برافو جامعتنا هذه هي الديمقراطية وإلا »بلاش«.. نذبح الثقافة، نكفر الآخرين، ونتبرأ منهم باسم الدين.. فبرافو ثم برافو جامعتنا..!!
****
تمارس لجنة التحقيق البرلمانية عملها بمنتهى المهنية. لا أخبار ولا تسريبات. برافو. صار متاحاً الآن لأعضائها أن يبصبصوا على ''السخافات'' كلها حيّةً، وعلى الأجساد غضة وطرية. الصور لا تكفي. الصور أصنام. تعطي نقطة الضوء، لكنها لا تنير. الضوء يدل، أما الإنارة فتكشف. وأخيراً، وجد السادة النواب ما يكشفون عنه. ما يفضّون به ختْم المكبوتات المكنونة. عُقَد الذنب المترسبة من فرط الإلجام الناسوتي. لجنة تحقيق فائقة السرية. مثل الجنس سرّي ومُصادَر!. أحدهم صرّح - ويُشكُّ في ذلك - أن التحقيق سيشمل النصوص أيضاً. يشمل ما يشمل. وفي الأصل، فإن الأرثوذكسيات التي لا تجنح إلى التشميل، أو تتعاطى الحقائق بالتجزئة، تضمر. سمة الأرثوذكسيات أنها مطلقة وشمولية. من هنا تستقي حيوانيتها. وأيضاً حيويتها. ومن هنا تربح معاركها في الهيمنة على المجال العام. وإرغاماً لا بالتخيير.
الأصوات الجعيرة لم تعد تأتي من اللجنة. اللجنة ساكتة. إنها هناك، تتلصص بتؤدة على الأشرطة في الغرف المغلقة. غيرها يقوم بالدور. خطباء جوامع أو طلبة أغرار. وفيما تنكبُّ اللجنة على تدوير زر التقديم والتأخير، ينكبُّ هؤلاء على تدوير الجعير. ينتهي بيان تظاهرة سيّرها نحو مائة وعشرون طالباً وطالبة في جامعة البحرين، الأسبوع الماضي، بالعبارة التالية: ''طلبة وطالبات جامعة البحرين''. من خوّلهم الحديث باسم ''التاءات'' الوثنية هذه، والمغرغرة ثقةً، كذباً وطمأنينة؟. هذا السؤال غبي. ألم نقل قبل قليل فقط، إن المسألة مسألة جعير!.
وفي الجعير، لا تقتصر البلوى على جريرة اختزال المجموع الطلابي في رؤية أحادية وثنية، إنما أيضاً على التوجه المتنامي باتجاه استتباع المجال الجامعي إلى المجال العام. وللحق، يقال هنا، إن ذلك ليس بالأمر المُبتدَع. فليست مستحدثة عملية إسالة الحدود بين المجالين. ومنذ منتصف التسعينات، وما رشح إذّاك من بروز رؤية ضيقة سوّغت إلى فتح المجال الجامعي أمام عنف الدولة وإكراهاتها، أُبيح إلحاقُ الجامعة بمسرح العمليات الواقع خارجها. ويومها لم ينبس أحدٌ ببنت شفة. يعني ذلك أن الكل مشترك في الجعير، إنما الملاك في أن جهةً أكثر جعيراً من جهة. عاش الجعير.
الوقت
9 ابريل 2007